الأحد، 2 نوفمبر 2008

كيف نمنع المراهقين من دخول مسرح الإرهاب والجريمة؟

كاظم الحناوي
تباينت آراء علماء النفس والاجتماع في تحديد ماهية العنف والاسباب المؤدية اليه، فذهب فريق الى التركيز على آفات النظام السياسي السائد الذي يولد توتراً في النفس من جراء التمايز في الثروة والجاه..
بينما شدد فريق اخر على نواقص التربية التي يتلقاها الانسان في مرحلة المراهقة مثل التمتع بالحرية بلا حدود ومخالفة القوانين والتعدي على حقوق الاخرين. في حين توجه علماء اخرون الى تحليل التركيب النفسي عند الفرد ودرس مواصفاته ونوازعه مثل الانفصام والسويداء والكآبة المستمرة التي تستثيرها ادق المؤثرات الخارجية.يقول العالم (آلان سوتر) الخبير الفرنسي في شؤون اللاوعي: العنف مرتبط بجذور الشخصية وخاضع الى مراحل التربية بكل ميزاتها وانعكاساتها السلبية والايجابية ويجب البحث عن ظواهر في مرحلة ما قبل المراهقة ومرحلة البلوغ.
مرحلة الطفولةخلال مرحلة الطفولة يتلازم العنف بشكله البدائي الاول مع اكتشاف (عقدة أوديب) وينمو عكسيا معها بقدر ما يحس الطفل بسلطة والديه عليه. في هذه السن نكتشف انه ليس بوسعنا ان نلعب دور الام والاب، انه عمر الحرمان الاول، وتزيد التغيرات الفيزيولوجية من حدة الحرمان، فيحس انه متغير لكن ضمن دائرة الحرمان. مما يزيد في رضوخه فيتوق الى العودة الى الفردوس المفقود حيث لا تباين بين الجنسين ولا سلطة ولا رضوخ. التوق يتحول الى وهم والوهم يكبر مثل كرة الثلج ويدفعه الى السويداء والكأبة فالوحدة.الصورة العامة هي ضيق شديد وخوف من سلطة الاب، ونشدان الحماية خوفا من استئثار احد الوالدين. هذه الحالات النفسية تومض بسرعة في حالات اللا وعي وتلون بتلاوينها كل تصرفاته ومزاجه ونظراته للحياة.. ويتابع البروفسور سوتر:ما بين 6 و 10 سنوات يشعر الطفل ان العالم الخارجي يتربص به ويريد الايقاع بكل خطواته، ومما يزيد في ضعفه ممانعات اهله والزامها له، باتباع نهج خاص في تصرفاته واقواله. فتهتز الصورة التي يصوغها للحياة وللاخرين ويضمحل حقه امام البالغين وامام قسوة محدثيه وامتلاكهم زمام الموقف..كل ذلك يعمق الهوة بين ما يطمح اليه وما يعيشه كل يوم وتبدأ في قرارة ذاته معركة لا واعية، ترسم الخطوط العريضة لشخصيته المستقبلية.مرحلة المراهقةاما مرحلة المراهقة فهي المرحلة الاكثر اضطرابا لدى الفرد في علاقته بنفسه ومحيطه، وذلك يعود الى دينامية النمو الذي تدفعه الى تكوين ذاته من خلال نظرة الاخرين اليه، فضلا عن التغيرات الفيزيولوجية الاساسية التي تطرأ في هذه المرحلة مثل النضج الجدي وارتباطه بالانقلابات العاطفية التي تفتح جراح الازمات السابقة خصوصا النزعات النفسية بوسعها ان تنفجر وتحقق نظراً الى الامكانات التي تمتلكها في هذه المرحلة تتعاقب ظواهر نفسية عميقة اهمها محو سلطة الوالدين، رفض المقاييس الاجتماعية، الثورة الخارجية من جراء الاخفاقات العاطفية، رغبة جامحة في اللاوعي لاعتماد العنف حلاً نهائياً للمشاكل.التعبير عن امكانيات استقلالية الوجود، ويلاحظ البروفسور سوتر ان هذه الظواهر ترافقها انهيارات نفسية متتابعة مصدرها خسارة الهوية النموذجية والتخبط في الوحدة الداخلية والاضطرابات والبحث في هذه الدوامة عن مثل اعلى.ومع تغير ملامح الجسد تتغير الصورة التي رسمناها للحياة والاخرين وتلح على الذهن اسئلة على شكل: (من انا)؟ (ماذا اعارض)؟ (الى اين اتوجه)؟ (ما مصيري)؟ (كيف احقق ذاتي وسط هيمنة الاخرين)؟ (ما طريقي في المستقبل)؟مظاهر الرفضهذه الاختلافات تدخل البيئة الثقافية والفيزيائية والاجتماعية التي تعيش فيها، اذ بقدر ما ينعدم التفاهم والانسجام بين تطلعات الذات المراهقة وحواجز المجتمع، تتعمق جذور الرفض وينمو العنف. وتعدد دراسة البروفسور سوتر بعض مظاهر الرفض التي تتوافر في مرحلة المراهقة في اغلب المجتمعات نفسيا بغض النظر عن الخصوصيات الثقافية والاجتماعية والسياسية، وهذه المظاهر هي:1. رفض سلطة الوالدين.2. التمرد على هيمنة الكبار وامتلاكهم لكل اوراق اللعبة الاجتماعية.3. رسم صورة مأساوية عن الواقع السائد، فساد، عنف، تقهقر، عدم ثقة، مآرب وغايات بعيدة عن الحب والعاطفة والتسامح.4. الثورة على القانون والسلوك الاجتماعي النموذجي واعادة نظر في الاسس الاخلاقية المتبعة.5. لا تتعدى هذه الثورة مظهرين متقاربين فهي اما داخلية وتتجسد بالسويداء والوحدة والانكماش على النفس او خارجية وتتفجر مواقف متطرفة تشجع اعمال الفتنة والعصيان والعنف.6. الميل الى التدمير والتفكير في الانتحار.لهذه الاسباب لا بد من وجود حلول واقعية لازمة المراهقة في حياة الفرد بصفتها صلة وصل بين مرحلة الطفولة ومرحلة البلوغ. وتدور الحلول حول تفهم الاهل والمجتمع لحساسية هذه المرحلة بكل ما تحمله من قلق وتوجس واختلال، ويبدو انه يجب عدم التخلي عن الاولاد لاستعادتهم فيما بعد ضمن جو تشجيعي يحثهم على تكثيف ارتباطاتهم مع محيطهم وتوجيههم نحو نشاطات يرجى منها تحقيق الاندماج المتناغم بين الواقع وطموحات الذات.ويركز البروفسور سوتر على فاعلية الحب والعاطفة في هذه المرحلة، اذ من الضروري ان يتحرر المراهق من هواجسه الداخلية في اطار الحب وتنمية العاطفة، وما الاخفاقات في هذا المجال سوى مؤشر على اثبات المراهق امام الفشل والانطواء والخيبة.المدرسة هي الاساسمن هنا يجب الامتناع عن اتخاذ قرارات عشوائية في مدارسنا ومعاهدنا على ضوء نظريات اثبتت عدم جدواها في الحياة خصوصا ان ازمة المواطن العراقي في شخصه وفكره وعلاقته بالاخرين مرتبطة بأنماط التعامل التربوي الذي خضع إليه طوال العقود الماضية.لذا لا بد من الانتباه الى ضرورة اللجوء الى الحكمة والرقة والتشجيع لبناء اسس تربوية هدفها خلق جيل جديد متحرر من الشعور المسبق بالخيبة وبمحدودية طاقاته. والمبدأ النموذجي في هذا المجال عدم الافراط في منح الحرية والتشجيع لكي لا نبني جيلا اتكالياً. كما لا يجوز التخفيف من هذه العوامل لكي لا تضعف الشخصية وتتوجه نحو القسوة والشراسة في علاقاتها بذاتها وبالاخرين.

السبت، 1 نوفمبر 2008

المخرج السينمائي هادي ماهود: أنا أكثر الاصوات رنينا

حوار ـ كاظم الحناوي
المتابع لخطوات المخرج السينمائي العراقي هادي ماهود يرى ان حضوراً مميزاً له خارج العراق لكنه يكاد يكون معدوماً في الداخل فقد اختار ماهود الانزواء في مدينته السماوة بعيداً عن بغداد الصاخبة بالفضائيات،
التقيناه في السماوة كي نتعرف على ما يشغله وما يفكر به فسألناه عن سر هذا الصمت فاجاب:
ـ من قال اني صامت، انا اكثر الاصوات رنيناًً لان صوتي لي وهو خارج من حنجرتي لا من حناجر الآخرين. لقد ادمنت الصراخ يا صديقي، ففي سنوات الغربة كنا نصرخ فرادى وصرخاتنا انتجت اشرطة وثقت لسنوات القهر والمنفى يوم كانت الدكتاتورية على اشدها وعندما عدنا بعد انهيارها وضعونا في ذات الدائرة فاما ان تبيع صوتك لطرف سياسي او طائفي او ان تكون يتيم الصوت بلا سند !!.*
وهل تعتبر نفسك يتيماً؟ـ يتيم بكرامة خير من مدلل يفتقد اليها.* وماذا عن الدولة؟
ـ الدولة يا صديقي لم تضعنا في حساباتها، فلم تسفر كل خططها وعلى مدى حكوماتها التي تعاقبت بعد السقوط عن اي خطة جادة لاستثمارنا من اجل صناعة سينما عراقية وما احوجنا اليها كي نوثق ما يمر به بلدنا من متغيرات استثنائية في هذا العصر الاستثنائي. في الماضي كان لك حضوراً اكثر في الداخل فقد حصل فيلمك(في دائرة الامن) على جائزة افضل فيلم تسجيلي في مهرجان العراق الدولي للفيلم القصير وكان الناس يتابعون بشغف برنامجك الوثائقي الشهري( تحقيق) على قناة الحرة لكنك هذه الايام تبدو بعيداً عن الساحة مهموماً.* ألا تشعر بالندم لعودتك المبكرة للوطن؟
ـ الحقيقة اني وبفعل سنوات طويلة في المنفى اصطدمت بعد عودتي بارواح مشوهة شنت ضدي حرباً لا رحمة فيها كدت اثرها ان انهي ارتباطي بالسماوة مدينتي التي اعشق والتي صنعت بها وفيها اجمل افلامي وان الملم نفسي واعود للمنفى لكني اغلقت مكتبي ولملمت بقاياي في مساحة ضيقة هي غرفة بمساحة 2في 3 كانت فيما مضى شرفة في شقتي حورتها لتكون لي صومعة اركب بها شهاداتي التي تسجلها كاميرتي كي تتحول الى افلام.