أحبا الحياة والوطن وتعاملا معهما بعشق الشاعر والإنسان المناضل
كاظم السيد علي
في تاريخ الادب الشعبي العراقي اسماء لامعة لها سمعتها التي لا يمكن التغاضي
عنها اونسيانها في مسيرة هذا الادب , فأنها تركت بصماتها الجميلة والواضحة , ومازالت
راسخة في اذهان كل الناس رغم انهم رحلوا ولكنهم تركوا ورائهم اعمالا ثرة تشهد على طول
باعهم في هذا الميدان , وضمن الذين كانت له المساهمة الجادة في تاريخ الشعر الشعبي
, ورغم انتشار وذ يوع اخباره الشعرية والسياسية الا ا ن ما كتب عنه بعد وفاته حتى يومنا
هذا قليل ، سوى استذكار بعض رفاقه ومعاصريه الذين يعرفونه عن قرب ، وخاصة الصديق الشاعر
الكبير ناظم السماوي الذي تحدث لي عنه كثيرا ، وعن ذكرياته معه عند مجالسته له في سجن
الحلة , وعن ذكريات المناضلين الذين ضحوا من اجل المبادئ الشيوعية الاصيلة وفي مقدمتهم
الشعراء والمثقفين الذين ضمهم ذلك السجن ,فكان حديث الرفيق السماوي ، حفزني لاطلع على
شخصية ذلك المناضل والشاعر الشيوعي وعلى ما كتبه من اعمال شعرية قيمة في كل المجالات
السياسية والدينية والاجتماعية من خلال شقيقه (جميل) وولده (ابراهيم ) لتسليط الضوء
على جزء من موروثه الشعري , الا وهو الشاعر والانسان المناضل شهيد ابو شبع (1928) الذي
نشأ وتربى في كنف والده الشاعرالحسيني ذائع الصيت ابراهيم الخليل ابو شبع , حيث تلقى
رعاية حسنة وتربية جيدة فتخلق بخلقه الكريم وتعلم منه الخصال الحميدة ، فراح ينمي قابليته
الشعرية الى ان اصبح شاعرا وفارسا من فرسان القصيدة الشعبية يحسب له اكثر من حساب
, وذلك لثقافته العامة في كل الجوانب الحياتية الذي نهلها من ذلك النبع الصافي الذي
ارتوت منه كل المناضلين الشيوعيين الذين ضحوا وقدموا ارواحهم من اجل تحقيق الحياة الحرة
الكريمة لابناء الشعب , لقد كان الشاعر (شهيد ) شيوعيا صلبا وكادرا نقابيا كفوءا ومخلصا
للطبقته العاملة ولقضيتهم العادلة , ولوطنه وشعبه وحزبه الخالد , وتعرض جراء ذلك للاعتقالات
والتعذيب في سجون الحكومات الرجعية التي تعاقبة على السلطة في البلاد طيلة حياته ,
مما زاده صلابة وقوة ، وكان حبه للوطن والحزب هما الهدف السامي في حياته فنذر عمره
وشعره مستلهما كل ابداعه من نضالات شعبنا , هذا ما تجسده في المنلوج الذي يستنكر فيه
وينتقد بكل سخرية حكومة (نوري سعيد ) لتواطئها مع الاستعمار البريطاني على حساب مصلحة
شعبنا ومعبرا عن وجدان كل عراق شريف , وقد كتب هذه القصيدة وهو في سجن بغداد المركزي
اثر حملة الاعتقالات المسعورة التي شنت ضد الشيوعيين عام 1952 فعندما وصلت القصيدة
وقرئت استاءت حكومة (الباشا) وصبت غضبها على الشاعر المناضل شهيد ابوشبع وحكمت عليه
بالسجن لمدة عامين اضيفت لمحكوميته السابقة واليكم نص المنلوج السياسي :
صل عالنبي ، صل عالنبي
واصل أياغه ، هالصبي
مختار ذاك الصوب
ممنونين منه والنبي
* * *
نشكر جناب انكلترا
الهيئة الحكوميه
من حيث داون جرح
دولتنه العراقيه
وجروحنه نعرفها
طبرات انكليزية
وجماله عالطبرات
صلو عالنبي
داوونه بالكفخات
صلو عالنبي
دار السفاره دوم مركز للحرامية
شافو حرامي اجبير سندوله الملوكية
* * *
كالت صناعتكم نريد احنه نطورها
وفت عدها يشهد الماضي وحاضرها
عدنه صناعه للمكانس من مفاخرها
وبكربله ، مهافيف صلو عالنبي
وحبال صاري وليف صلو عالنبي
كارات نصنع من تنك واطفالنا اجرها
وشوف المدينه من البواري شكثر صادرها
* * *
سوو تبادل بالتجاره عدل ميزانه
اخذونفطنه أنطونه نفاخات بمجانه
احمر شفايف بيع صلو عالنبي
ودهون, للتلميع صلو عالنبي
من ها لتجاره ننتفع والحسبه خلصانه
واحد فلس كسر بجمع والاربعه ابعانه
* * *
كالت اوياكم للصداقه صفت نيتنه
ونعقد حلف ينمدح عد امريكا غايتنه
وقوتكم الجويه نخبطها ويه قوتنه
ونصير كلنه اخوان صلو عالنبي
تركيا، وباكستان صلو عالنبي
وايران جارتكم اختكم هم حليفتنه
نحميكم وهاي الحماية من سجيتنه
* * *
سوو حلف بغداد نوري وقعه بيده
وحصلنه من هذا الحلف كلشي الذي نريده
الخير منه يكت ماينحصرتحديده
انطونه دبابات صلوعالنبي
عتك وخربانات صلو عالنبي
وانطونه مدفع سايف وتصليح ميفيده
يكتل الرامي لورمه ومظبوط تسديده
* * *
الحمد والشكر ديمقراطيه
احزاب متروس البلد ومن الصحف ميه
وبستان حجي ( احمد اغا ) تصدر حراميه
يا ناس لا تحجون صلو عالنبي
نمشي عالقانون صلو عالنبي
بغداد صارت شام خل نركص بجفيه
وما دام باشتنه عدل نستر بفيه
كانت اكثر كتاباته تتجلى موضوعاتها انعكاس الحياة الاجتماعية التي عايشها
بنفسه , كما انه كان ينتقد الممارسات اللانسانية كعدم الوفاء ونكران الجميل بين الاحبة
والاصدقاع التي يمارسها البعض , وله قصيدة في هذا المجال نذكر بعض منها في هذه السطور :
حبيبي وياك بالعطف معقول
وانت اجاوبت بالعطف وياي
من هذا السبب اسكت ابد ماكول
ضاع ارباي ويلا عبد يرباي
فالشاعر (ابو شبع) كتب بكل فنون الادب الشعبي كالموال والابوذية ولم يترك
فنا من هذه الفنون مالم يطرقها , كمانلاحظ في هذاالبيت من الابوذية الذي عبر فيه عن
مدى صلابة الانسان المناضل والذي يحمل المبادئ السامية بوجه كل التحديات والصعاب والطغيان
والاستبداد وبوجه كل ظالم وطاعية على ارض الوطن , حيث ارسلها الى احد اصدقائه في السجن
وقد سمع انه انحنى امام الجلادين ووحشيتهم القذرة فبعث يخاطبه قائلا :
صلب عودك عجب صاير يلينه
وليالي السود جم مره يلينه
يخسه الدهر بشراكه يلينه
نتلاوه وياه ساعات المنيه
وقبل رحيله بسنتين وفي فترة استرداد النقابات العمالية عافيتها نسبيا في النجف
وعشية ذكرى الاول من ايار عيد العمال العالمي , كتب قصيدة يحيي فيها العمال مجسدا فيها
صدقهم وتضحياتهم ضد وحشية الراسمال العالمي يقول فيه :
ياول ايار ياعيد الاحرار
يومك من يهل نفرح يا ايار
وفي عام 1973 سكت قلبه النابض بالحب للحياة والوطن والحزب , اثر حادث سيارة
(غامض ) اودى بحياته الكريمة وكان لوفاته وقع الفاجعة بين محبيه من رفاق دربه
في الوطن وخصوصا في مدينته التي احبها طوال حياته .
http://al-nnas.com/ARTICLE/KSAli/4s.htm
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق